أُنس جابر لم تخسر نهائي ويمبلدون!

أُنس جابر هي أول لاعبة تنس عربية وإفريقية تبلغ نهائي إحدى بطولات التنس الأربع الكبرى

الخط

لأسباب خاصة لم أكتب في العدد الماضي من المجلة، لكنني لا أريد هذه المرة تفويت فرصة الكتابة عن بلوغ لاعبة التنس التونسية أُنس جابر، المصنفة الثانية عالمياً، نهائي دورة ويمبلدون قبل أسابيع، والذي لا يزال يصنع الحدث في تونس والوطن العربي وعالم الكرة الصفراء برُمّته، باعتبارها أول تونسية وعربية وإفريقية تبلغ نهائي بطولة كبرى في كرة المضرب، لتحصل على كأس الوصيفة بعد الكازاخستانية إيلينا ريباكينا، المصنفة 17 عالمياً، والتي دخلت عضوة في نادي عموم إنكلترا، بعد أن حققت بدورها أول لقب كبير في مشوارها، وهي الميزة المُخصّصة لجميع الأبطال، في حين فازت التونسية أُنس جابر باحترام وتقدير عشاق التنس وجماهير الرياضة في العالم، وتحوّلت إلى أيقونة وقدوة لملايين الفتيات التونسيات والعربيات والإفريقيات الطامحات لتحقيق المجد، لذلك يعتقد الجميع بأن التونسية لم تخسر اللقب، بل اقتربت أكثر من التربُّع على عرش التنس النسوي العالمي.  


كل قلوب وعقول التوانسة والعرب والأفارقة كانت مُعلّقة بميدان ويمبلدون الشهير، حيث تفاعل الناس بشكل لم يسبق له مثيل مع لاعبة تنس، وهي رياضة لم يسبق للعرب والأفارقة أن حققوا فيها إنجازات كبيرة قبل أُنس جابر، التي طرقت عالم الاحتراف قبل 10 أعوام، أثمرت تتويجها العام الماضي ببطولة برمنغهام، وهو أول لقب في مشوارها الاحترافي، ثم حققت لقبي روما وبرلين عام 2021، فضلاً عن بلوغها نهائي بطولة مدريد المفتوحة هذا العام، مطيحة بنجمات كبيرات، قبل أن تصل نهائي ويمبلدون وتُبدع وتتألق، وتخطف قلوب الملايين حتى بعد خسارتها النهائي، الذي تحوّل إلى انتصار وإنجاز كبيرين في نظر عالم التنس الذي نصّبها بطلة غير متوجة لأنها امرأة تونسية، عربية وافريقية، اقتحمت عالماً كان حكراً على جنسيات أخرى.


أمام 10 ألاف متفرج قدّمت أُنس جابر مباراة رائعة خسرتها بمجموعتين لواحدة، بل فازت بها الكازاخستانية ذي الأصول الروسية، التي كانت قوية في المباراة، وحظيت بدعم الرئيس الكازاخستاني الحاضر في مدرجات ملعب المباراة، في حين غابت أسرة أُنس جابر، الداعم الأساسي لها في مشوارها، لكن ذلك لم يمنع تجاوب وتفاعل الملايين مع نجمة عربية حوّلت رياضة أرستقراطية إلى لعبة شعبية في الوطن العربي، يجتمع حولها المشجعون في المقاهي الشعبية لمشاهدة مباراة تنس، وتدفع بالعائلات التونسية للتهافت على نوادي كرة المضرب لتسجيل أطفالها الصغار، بعد أن بلغ الاهتمام الشعبي درجة لم يسبق لها مثيل مع رياضات أخرى، سواء فردية أو جماعية، حققت فيها تونس إنجازات عديدة.


أُنس جابر خسرت اللقب، لكنها خطفت قلوب وعقول الملايين بإبداعها في مجالها، بروحها العالية والكاريزما التي تتحلّى بها، والنضج الكبير الذي ظهر في تصريحاتها عند الفوز وبعد الخسارة أيضاً، مما يؤهلها لكي تكون نموذجاً ورمزاً يُقتدى به في العطاء، إيماناً منها بأن الأحلام الكبرى تتحقق بعد الإخفاقات، لذلك فإن مصيرها المحتوم هو تحقيق حلمها الكبير بالفوز ببطولة ويمبلدون، ثالث أكبر بطولات التنس الأربعة الكبرى في العالم، بعد بطولة أستراليا المفتوحة، ثم بطولة رولان غاروس الدولية، التي تبقى من طموحات أُنس جابر التي كسرت حاجزاً نفسياً وذهنياً كان ولا يزال يُلاحق كل من دخلن عالم التنس والجمباز والسباحة، بعد أن كسرته بطلات أخريات عربيات وإفريقيات في ألعاب القوى مثلاً.


أُنس التي نشأت وسط عائلة مولعة بالتنس في تونس، بدأت مشوارها كحاملة كرات، لتصل إلى حمل حلم تونسي وعربي كبير يبقى مؤجّلاً إلى حين، تدخل به التاريخ، وتُحرّر من خلاله الأجيال الصاعدة من عقدة كانت تلازمها منذ أعوام، خاصة في رياضة التنس، لذلك يمكن القول بأن أُنس جابر لم تخسر نهائي ويمبلدون، بل تُوّجت ملكة لعرش تونس والوطن العربي وإفريقيا.

للكاتب أيضاً