أكثر من 40 مليون مدرب في الجزائر!!!!
22/03/2022 - حفيظ دراجي
الخط
انتقاد خيارات المدربين في الوطن العربي هو أمر عادي وطبيعي، وربما ضروري أحياناً خاصة على مستوى المنتخبات الوطنية، لأنه المجال الوحيد المسموح لهم فيه بالتعبير عن تذمرهم، لكنه يصل أحياناً إلى درجة لا يمكن تصورها تنعكس سلباً على المعنويات والمردود، بعد أن يتحول كل مناصر إلى مدرب له تصور للتشكيلة وطريقة اللعب، حسب ميولاته ورغباته التي تستند على المشاعر والعواطف، خاصة عندما يكون المنتخب في ظروف صعبة تكثر فيها السكاكين والطعنات وتظهر الأفكار والخيارات، مثلما يحدث مع المنتخب الجزائري منذ إخفاقه في بطولة كأس أمم إفريقيا، وعشية المواجهة المزدوجة الفاصلة المؤهلة إلى مونديال قطر، التي بلغ فيها التشكيك في قدرات اللاعبين والمنتخب وحتى المدرب درجات متفاوتة، خاصة ما تعلق الأمر بخيارات المدرب جمال بلماضي بعد إعلانه قائمة المدعوين لمواجهة الكاميرون، والتي غاب عنها عشرة لاعبين من الذين شاركوا في بطولة كأس أمم إفريقيا الأخيرة، وشهدت عودة آخرين.
المدرب جمال بلماضي استغنى عن مهاجم نادي السد بغداد بونجاح، وياسين إبراهيمي، وسعيد بن رحمة إضافة إلى بلقبلة وبولاية وشتي وزرقان وآدم وناس، مفضلاً الاعتماد على اللاعبين الأكثر استعداداً حالياً والأكثر قدرة على تحمل الضغط، مثلما أشار إليه في ندوته الصحفية التي عقدها الأحد، لكن ذلك لم يمنع الجماهير من التعبير عن عدم رضاها على خيارات المدرب لأول مرة منذ ثلاث سنوات كانت فيها النتائج صديقة المدرب، وكانت تحول دون انتقاد خياراته بما في ذلك تلك التي لم تكن موفقة أحياناً، ولم ترض فئة من الجماهير والإعلاميين والمحللين إلى غاية الإخفاق في كأس أمم إفريقيا الأخيرة، التي تحامل فيها البعض على اللاعبين والمدرب أحياناً، وأدت إلى إحداث تغييرات في التشكيلة مع الحفاظ على كوادر الفريق المعروفة، خاصة على مقربة من موعدين هامين لا يمكن فيهما القيام بتغييرات عميقة على التشكيلة ولا حتى على نمط اللعب.
أكثر لاعب أثار غيابه الجدل هو مهاجم السد القطري بغداد بونجاح، الذي كان أيضاً أكثر لاعب تعرض للانتقادات خلال كأس أمم إفريقيا التي عجز فيها عن التسجيل، مثلما عجز مع ناديه لعدة أسابيع بعدما فقد ثقته في نفسه، مما تسبب في انتقادات كبيرة للمدرب عندما واصل الاعتماد عليه، ولما استغنى عنه بمناسبة مواجهة الكاميرون، وهي مفارقة عجيبة كان على المدرب جمال بلماضي التعامل معها بعد الانتقادات التي تعرض لها بسببه، رغم محاولاته حماية لاعبه ودعمه مثل بقية اللاعبين الذين يمرون بنفس فترة الفراغ على غرار بلعمري، ماندي، عطال وحتى فيغولي وسليماني، لكن ضيق الوقت وأهمية المواجهة الفاصلة دفعته إلى اعتماد خيارات مثيرة للجدل لا بد منها لضمان التأهل إلى مونديال قطر واستعادة ثقة لاعبيه في أنفسهم، ومن ثم ثقة الجماهير في لاعبيهم بعد مرور ثلاث سنوات، استقر فيها على تشكيلة ثابتة وطريقة لعب واحدة.
في ندوته الصحافية التي عقدها عشية انطلاق التربص التحضيري للمواجهة المزدوجة، دافع المدرب جمال بلماضي عن خياراته الفنية وعبّر عن ثقته الكبيرة في لاعبيه، وقال إن استبعاد بعض اللاعبين عن التشكيلة ليس عقاباً لهم، ولا علاقة له بمردودهم في كأس إفريقيا الأخيرة، لكن المباراة الفاصلة تتطلب خصوصيات لا تتوفر في كل اللاعبين، وتحتاج للخبرة والإرادة والعزيمة واللياقة العالية والقدرة على تحمل الضغوطات، إضافة إلى المهارات الكروية العالية، ودعا الصحافيين إلى انتظار النتيجة للحكم على خياراته التي تصب كلها في مصلحة المنتخب من وجهة نظره، مؤكداً بأنه باشر عمله النفسي والفني مباشرة بعد نهائيات كأس أمم إفريقيا، وأنه انتهى تقريباً من تحضير كل الجزئيات والتفاصيل المرتبطة بالمواجهتين، ولم تبق سوى مهمة اللاعبين فوق الميدان.
بلماضي عبّر عن تفهمه لقلق الجماهير وتعاليقهم المتباينة على التشكيلة التي اختارها، لكنه لم يتردد في التعبير عن انزعاجه من أسئلة بعض الصحافيين المتكررة، والمستفزة في تقديره، خاصة تلك المتعلقة بخياراته التي تبقى من صلاحياته دون غيره ويتحمل مسؤوليتها لوحده، ولا يزال عند وعده وعهده بأن يتأهل إلى المونديال ويسعى إلى بلوغ أدوار متقدمة لم يسبق وأن حققتها الجزائر من قبل، لكن ذلك لن يمنع امتهان كل الجزائريين لمهنة التدريب عندما يتعلق الأمر بمنتخبهم سواء عند الفوز أو الخسارة، وهي ظاهرة تشترك فيها الكثير من الجماهير العربية خاصة عشية المباريات الفاصلة لكل من مصر والمغرب وتونس والجزائر، وحتى السعودية التي ضمنت تأهلها بنسبة كبيرة..