فوز محبط لمعنويات فلاسفة الكرة في الجزائر

قاد يوسف بلايلي منتخب بلاده لفوز مهم نفسياً ومعنوياً بعد فترة صعبة عاشها "محاربو الصحراء" مؤخراً

الخط

سعادة جماهير الكرة في الجزائر بعد فوز منتخبها على أوغندا بثنائية في أول مباراة رسمية، ضمن تصفيات كأس أمم إفريقيا المقررة في ساحل العاج 2023، لم تكتمل، وشابتها بعض الشكوك التي حاولت زرعها منابر إعلامية جزائرية صارت متخصصة في زرع اليأس وتحطيم المعنويات، انتقاماً من جمال بلماضي وبعض كوادر الفريق كالمعتاد، سواء عند الخسارة أو عند الفوز، فلم يسلم منهم المدرب رغم إنجازاته، ومحرز رغم غيابه، مثلما لم يسلم منهم من قبل إسلام سليماني وسفيان فيغولي والحارس مبولحي، عندما كان المنتخب الجزائري يحقق سلسلة 35 مباراة دون هزيمة، وكانوا يقللون من شأن النتائج والأداء ومن قوة المنافسين، ويشنون حملات على الجميع، مثلما حدث بعد مواجهة أوغندا، دون أدنى اعتبار للظروف النفسية الصعبة التي يمر بها المنتخب الجزائري والجهد المبذول من طرف اللاعبين لإسعاد الجماهير.


في غياب محرز وبلعمري وعطال وفيغولي وبونجاح، وغيرهم من الكوادر، وإقحام المدرب لثمانية لاعبين جدد في التشكيلة الجزائرية، لم يكن من السهل نفسياً ومعنوياً العودة إلى سكة الانتصارات واستعادة ثقة الأنصار، الذين لم يبخلوا بالحضور وتشجيع اللاعبين والتعبير عن مساندتهم لهم بكل عفوية واحترام، مما سمح لهم بإظهار وجه محترم والفوز بثنائية ماندي وبلايلي، أسعدت الجماهير وحررت اللاعبين الذين تجاوزا أول اختبار بنجاح فوق أرضية الميدان، لكن ذلك لم يمنع دكاكين الفتنة، كما توصف في الجزائر، من إطلاق سمومها بعد المباراة، والتعبير عن غلها وحقدها على هذا الجيل الذي كسب قلوب العشاق في الجزائر، واحترام وتقدير كل من عايش السنوات الثلاث الماضية التي كانت من أجمل مراحل الكرة الجزائرية.


صحيح أن المنتخب الجزائري أخفق في الحفاظ على تاجه القاري في الكاميرون، والتأهل إلى مونديال قطر، بسبب تراجع مستواه وأدائه في الأشهر القليلة الماضية، ومن واجب المحللين الانتقاد، وحق الجماهير أن تغضب، لكن من واجب الجميع تثمين الإيجابيات والإنجازات وتشجيع المدرب ولاعبيه في هذه الظروف الصعبة. ليس من حق فلاسفة الكرة تهديم كل شيء انتقاماً وحقداً على المدرب ونجوم الفريق بشكل تجاوز كل الحدود، لدرجة انتقاد الفوز بثنائية بحجة ضعف المنافس الأوغندي الذي لم يخسر في آخر ست مباريات، لم يتلق فيها سوى هدفين، وجاء إلى الجزائر من أجل التكتل في الخلف ورفض اللعب حفاظاً على شباكه، لكن اللاعبين الجزائريين تحلوا بالكثير من التركيز والثقة في النفس وبرودة الأعصاب.


المنتخب الجزائري عاش ضغوطات كبيرة جداً خلال الفترة الأخيرة لم تشفع له لدى هؤلاء الفلاسفة الذين فشلوا في مشاويرهم كلاعبين، وفشلوا بعد اعتزالهم في مهنة التدريب ومهمة التحليل، ومنهم من فشل في مهنة الإعلام، وصاروا في نظر الجزائريين رموزاً للتهديم وإحباط المعنويات منذ سنوات، لم يسلم منهم رابح سعدان عندما قاد المنتخب الجزائري إلى مونديال 2010، ولا وحيد خليلودزيتش لما تأهل إلى مونديال 2014، وتأهل إلى الدور الثاني في البرازيل، ليأتي الدور على رئيس الاتحاد الأسبق محمد روراوة الذي دفعوه إلى الرحيل سنة 2017 بعد حملة تشويه كبيرة، وبقوا هم في أماكنهم منذ سنوات يوزعون صكوك الوطنية والجدارة على الرداءة، ويحاربون النجاح من مختلف المنابر الإعلامية، بل الإجرامية في حق رجل أنقذ الكرة الجزائرية، وجيل منح لها أول لقب إفريقي من خارج الجزائر، ثم كأس العرب في قطر بجدارة واستحقاق.


هؤلاء وأولئك صاروا يشكلون خطراً على معنويات الناس قبل المدرب واللاعبين، بإذكائهم لمشاعر الحقد والكراهية، وتسويقهم لأفكار سوداوية هدامة، تعتبر المنافس ضعيفاً عندما يفوز المنتخب الجزائري، وإذا خسر يقولون بأن بلماضي محدود يجب أن يرحل، ومحرز لاعب عادي يمكن الاستغناء عنه، وماندي مدافع متواضع، وسليماني تجاوزه الزمن، واللاعب المحلي أفضل من المحترف الذي لا يلعب بنفس المستوى الذي يؤديه في ناديه، حتى أن ملامح الغضب والأسف تظهر على وجوههم كلما فاز المنتخب الجزائري، وعندما يخسر تظهر عليهم معالم الفرح والسرور.


استمرار جمال بلماضي بعد الإخفاق المزدوج كان مؤلماً لكثيرين، وعودة رياض محرز وأندي ديلور شهر سبتمبر المقبل ستؤلمهم أكثر، أما عودة المنتخب إلى سكة الانتصارات، فستزيد من آلامهم وحسرتهم، مثلما تألموا وتحسروا لصورة عناق بلايلي مع بلماضي بعد تسجيله الهدف الثاني ضد أوغندا، وإشارته لجماهير ملعب خمسة جويلية بضرورة دعمه وتشجيعه على مواصلة رفع تحديات جديدة وصناعة أفراح أخرى في نفوس الجماهير الجزائرية.


 

للكاتب أيضاً