باريس سان جرمان فريق فرنسي وليس عربياً!
2/08/2022 - حفيظ دراجي
تعرّض المغربي أشرف حكيمي لهتافات عنصرية وصافرات استهجان كلما لمس الكرة في نهائي السوبر الفرنسي بالأراضي المحتلة
الخط
على مدى الأيام القليلة الماضية، وصلتني الكثير من الرسائل الخاصة في حساباتي على وسائط التواصل الاجتماعي، يطلب مني أصحابها إبداء رأيي وموقفي من مشاركة نادي باري سان جرمان في نهائي كأس السوبر الفرنسي، الذي جرى الأحد الماضي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في محاولة من أصحابها للرفع من مجرد مباراة كروية إلى مستوى خيانة القضية الفلسطينية، ومقارنة التطبيع السياسي والعسكري والتجاري لبعض الأنظمة العربية المسلمة مع مشاركة فريق فرنسي في مسابقة فرنسية، حتى ولو كان مُلكاً لهيئة استثمار عربية، مثلما هو الحال بالنسبة للكثير من الأندية الأوروبية التي تعود ملكيتها لمستثمرين عرب، على غرار السيتي ونيوكاسل وألميريا وباري سان جرمان، الذين لا يُمكنهم رفض المشاركة في المسابقة المحلية والأوروبية التي تُنظّمها الاتحادات المحلية والقارية مهما كانت الظروف.
من هذا المنبر، أريد تذكير أصحاب النوايا السيئة بأن باري سان جرمان هو فريق فرنسي، ونهائي كأس السوبر هو منافسة فرنسية يُنظّمها الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، ولا يحقّ لأيّ كان في فرنسا الاعتراض على برمجة مكان وموعد إجرائها، ولا يحق لمُلّاك النوادي، ولا للمستثمرين فيها، رفض اللعب لأي سبب كان، خاصة لو كان سياسياً، رغم أن الكثير من اللاعبين العرب والمسلمين رفضوا خوض المباريات التي تُلعب في "إسرائيل" مع نواديهم، خاصة في مسابقة الدوري الأوروبي، مثلما كان عليه الحال مع الدولي الجزائري أحمد توبة، الذي رفض الأربعاء الماضي التنقل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة لخوض مباراة فريقه التركي إسطنبول باشاك شهير ضد نادي مكابي في مسابقة المؤتمر الأوروبي، في حين شارك أشرف حكيمي مع فريقه باري سان جرمان وتعرّض مع ذلك لهتافات عنصرية وصافرات استهجان كلما لمس الكرة، دون أدنى تنديد في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي.
عدم مشاركة اللاعبين العرب والمسلمين مع نواديهم في مباريات تجري فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة هو تصرف فردي محترم، قد يمر عليهم بسلام، أو يُعرّضهم لعقوبة فنية أو مادية من طرف إدارة النادي، وقد تكون المشاركة عادية وطبيعية ومُلزمة للبعض الآخر ولا يُمكن الحكم على أصحابها بأنهم مطبعين أو متخاذلين، ولا يمكن مقارنتها مع تطبيع إرادي وطوعي لأنظمة عربية ومسلمة، مثلما لا يمكن وضع المستثمرين العرب في النوادي الأوروبية في نفس مستوى المسؤولية مع السياسيين، إذا لعبت نواديهم في "إسرائيل"، لأن النادي الأوروبي هو ملكية البلد الذي ينتمي إليه، ويخضع لشروط وقوانين الاتحاد المحلي أو القاري الذي يلعب تحت لوائه، وعليه الوفاء بالتزاماته حتى ولو طُلب منه اللعب في كوكب المريخ.
اقرأ أيضاً: كلوب يتوقّع الفائز بالدوري الإنكليزي الموسم المُقبل
كنت أتمنى من أصحاب النفوس المريضة والنوايا السيئة أن يُنددوا بالتطبيع السياسي والعسكري والتجاري والاقتصادي، وحتى السياحي لبعض الأنظمة العربية، ويُنددوا بحكومات قررت تمويل مشاريع بناء ملاعب لـ"إسرائيل" فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحكومات أخرى أعلنت برمجة مباريات ودية لفرقها الوطنية مع نظيراتها "الإسرائيلية" في فلسطين، عوض الخلط بين المستثمر والمالك والنادي الأوروبي، وتحويل مشاركة فريق أوروبي، حتى ولو كان تمويله عربياً، إلى مستوى خيانة عظمى تُضاهي خيانات كبرى في السرّ والعلن، بكل الطرق والوسائل، لأنظمة وحكومات وأفراد وجماعات يتطابعون نحو التطبيع، بل التطويع الإرادي، حفاظاً على عروشهم وليس على مصالح شعوبهم، ولا حتى دفاعاً عن قضية شعب يُدرك جيداً من باعها ومن قبض ثمنها، ومن يريد أن يجعل من مباراة كرة لا تعنينا قضية في مستوى خياناتهم المتتالية.
للعلم فإن نهائي كأس السوبر الفرنسي جرى للمرة الثانية على التوالي فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذه هي المرة الأولى التي يُثار فيها الجدل حول مشاركة باريس سان جرمان الذي شارك فيه الموسم الماضي، دون أن يُطرح عليّ السؤال ذاته المطروح اليوم!!