بدأ المونديال بعد القرعة

الخط

قبل أقل من ثمانية أشهر من الموعد، انطلق مونديال قطر الجمعة الفائت الأول من أبريل، بعد إجراء عملية القرعة قبل اكتمال نصاب المتأهلين، وهو الأمر الذي يحدث لأول مرة في التاريخ ويعطي إشارة انطلاقة المونديال، بعدما تعرفت المنتخبات على مجموعاتها والملاعب التي تحتضن مبارياتها ومقرات إقامتها وتدريباتها، في وقت تتسارع الجماهير لاقتناء تذاكر حضور المباريات وحجز الفنادق ومقرات سكناها، لترتفع الحمى بعد ذلك بمرور الأيام والأسابيع التي تكون سريعة على القطريين والمقيمين والضيوف و"الفيفا" ولجنة المشاريع والإرث واللاعبين والمدربين والفنيين الذين بدؤوا يتكهنون بمصير المنافسة وحظوظ المنتخبات في بلوغ أدوار متقدمة، أو التتويج بلقب أول بطولة في الشرق الأوسط، وأول بطولة تجري في فصل الشتاء، وأول بطولة في مدينة واحدة يمكن لزوارها أن يحضروا كل المباريات التي تجري في اليوم عينه من مدرجات الملاعب.


حفل القرعة الذي تخلله الكشف عن "لعّيب"، وهي التعويذة الرسمية لكأس العالم فيفا 2022، والتي تمثل كائناً ينتمي إلى عالم افتراضي، يرمز إلى شخصية مرحة تبعث الفرح والسعادة في نفوس الجميع، مثلما بعثتها القرعة في نفوس كل المشاركين الذين وجدوا في تفاصيلها توازناً كبيراً يعطي الأمل للجميع في مشاركة متميزة، بما في ذلك المنتخبات العربية الأربعة التي ستحمل راية العرب في بطولة قطر والشرق الأوسط والأمة العربية كلها، فكانت بداية الإبهار من حفل بهيج في الشكل والمضمون وجميل ومتميز بمعانيه، ورائع ومذهل في تصميمه وإخراجه الذي أسكت كل الأفواه التي كانت تشكك في قدرات قطر على إبهار العالم وتنظيم مونديال لم يسبق له مثيل ولن يتكرر بعد 2022، في انتظار ما ستسفر عنه المنافسة من نتائج قد تحمل مفاجأة القرن ليكتمل الصدمة الكبرى.


القرعة وضعت القطريين في مجموعة منتخبات من قارات ثلاث، أهمها بطل افريقيا السنغال، ومفاجأة تصفيات أمريكا الجنوبية الإكوادور، إضافة إلى هولندا من قارة أوروبا، بينما جاءت السعودية في مجموعة لا تقل تنوعاً وقوة في وجود أرجنتين ميسّي، وبولندا ليفاندوفسكي، والمكسيك عن منطقة الكونكاكاف، في حين وقع "أسود الأطلس" في مجموعة بلجيكا وكرواتيا وكندا، وتونس في مواجهة بطلة العالم فرنسا، وهي مجموعات صعبة وقوية يُشكّل بلوغ الدور الثاني عنها إنجازاً كبيراً، يُضاف إلى الإنجاز القطري المرتقب في تنظيم بطولة تنسينا انتقادات مدرب المنتخب الإنكليزي غاريث ساوثغيت، الذي لا يزال لم يتجرع احتضان قطر لمونديال 2022، رغم أن مواطنه بيكهام يعتبر واحداً من سفراء المونديال من النجوم الكبار، الذين ينقلون للعالم في كل مناسبة حقيقة قطر واستعداداتها وقدراتها التي تفوق قدرات دول عظمى في تنظيم الأحداث الرياضي وغير الرياضية بجدارة.


بعد حفل القرعة، لم تعد قطر بحاجة إلى حجج وبراهين للتأكيد على أحقيتها واستعدادها في الوقت عينه، بعد كل المراحل التي قطعتها منذ تم الإعلان عن احتضانها للبطولة عام 2010، ولم يعد يفصلها عن دخول التاريخ سوى سبعة أشهر، يصدم أثرها غاريث ساوثغيت وأمثاله من ذوي الأفكار المسبقة، بل الأحقاد الراسخة على كل ما هو عربي إسلامي، تحولت إلى عقد نفسية لن يتخلصوا منها قبل 21 نوفمبر، موعد حفل افتتاح البطولة الذي يُرتقب أن يكون واحداً من العجائب السبع، حسب بعض التسريبات التي تحدثت عن سيناريو لا يتصوره العقل، ولا يستوعبه من لم يستوعب بأن قطر دخلت التاريخ، وهي على بُعد أسابيع من صناعة واحدة من أجمل بطولات العالم عبر التاريخ على كل المستويات، بما في ذلك الفنية والجماهيرية رغم غياب إيطاليا كييزا ومصر محمد صلاح  وجزائر رياض محرز، في حضور ميسي، ورونالدو، ومبابي، ونيمار وليفاندوفسكي، وغيرهم من نجوم المستديرة.


في الحقيقة، مونديال قطر بدأ منذ عام 2010 عندما فازت بالتنظيم، ومرّ بمحطات كبيرة وجميلة إلى غاية حفل القرعة، لكنها لن توازي العظمة والجمال الذي ستكون عليه في نهاية عام 2022 في عرس، يرهق كثيراً البلدان التي ستحتضن المونديال الموالي في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، لأن السقف سيكون عالياً جداً..


 

للكاتب أيضاً