ريال مدريد حكاية لا تنتهي!

حصد ريال مدريد لقبه الـ14 بدوري الأبطال في موسم كان فيه أنشيلوتي وبنزيما وتيبو كورتوا علامات فارقة

الخط

التتويج الجديد للريال بدوري أبطال أوروبا أمام ليفربول بالشكل الذي حدث في العاصمة الفرنسية باريس، يُشكّل حلقة جديدة من حكاية قديمة للنادي الملكي مع مسابقة تبتسم له كل مرة، مهما كانت تركيبته وظروفه وقوة خصومه في مسابقة تشارك فيها أقوى الأندية الأوروبية، لكن في نهاية المطاف كل طرق التتويج تقود إلى مدريد الذي حصد 14 لقباً، الخامس في ثمانية مواسم بشكل لم يسبق له مثيل، كان فيه أنشيلوتي وبنزيما وتيبو كورتوا علامات فارقة، تأكيداً لسيطرة مدريدية قديمة على المسابقة، وليس مجرد صدفة أو حظ، رغم أنه لم يكن الأفضل في النهائي ولا في المواجهات السابقة ضد البي أس جي، وتشيلسي والسيتي، لكن شخصية البطل التي يتقمصها كل من يحمل ألوان الفريق صنعت الفارق أمام أحد أحسن فرق العالم حالياً، والذي لا يقل عن الريال شأناً.


حكاية الريال مع دوري الأبطال تُكتب كل مرة بشكل مثير، وكأنه يخوض المسابقة منذ منتصف القرن الماضي بنفس اللاعبين والمدربين والمسيّرين، الذين توارثوا نفس الجينات والدماء التي تقودهم إلى قمة المجد الأوروبي، مهما كانت الظروف، وهو الأمر الذي كان عليه الحال هذا الموسم بشكل دراماتيكي كان فيه متأخراً في النتيجة في مرحلة خروج المغلوب، لكن المدرب كارلو أنشيلوتي كان أحد عوامل النجاح بعودته للإشراف على الفريق واستعادته لقب الدوري أمام الغريم أتلتيكو مدريد، ليصبح أول مدرب يفوز بألقاب الدوريات الخمسة الكبرى، وتتويجه بكأس السوبر، ثم تمكنه من قلب موازين كل المواجهات في مسابقة دوري الأبطال، التي توج بها للمرة الرابعة في مشواره، والثانية مع الريال في أول موسم عاد فيه على رأس الفريق، وكأنه يعمل معه منذ سنوات.


كريم بنزيما كان أحد أبرز كُتّاب تاريخ الريال بقيادته للفريق الذي أحرز معه اللقب الخامس من نوعه في ظرف 13 عاماً قضاها معه، وكأنه لم يلعب في أي فريق آخر من قبل، تحمّل مسؤولية فنية ومعنوية كبيرة منذ رحيل رونالدو، وتحمل تبعات الآثار النفسية إثر إقصائه من المنتخب الفرنسي لسنوات، قبل أن يستعيد حقه ومكانته في أعلى هرم الكرة الفرنسية مع الأسطورتين بلاتيني وزيدان، ويعود قائداً ونجماً وبطلاً لحكاية الريال بتتويج جديد كان فيه هدافاً للمسابقة بـ15 هدفاً، سجل في النهائي هدفاً آخر مشابهاً لاسمه، عندما تحلّى كريم بكرم الكرماء فتكرّم بتكريم زميله مارسيلو ومنحه شرف رفع كأس دوري الأبطال في آخر ظهور للبرازيلي مع الريال، وهو الذي رافقه في كل التتويجات الأوروبية على غرار مودريتش، وكارفخال، وإيسكو وكاسيميرو الذين كانوا بدورهم صنّاع حلقات الحكاية.


بنزيما صار المرشح الأول للتتويج بجائزة الكرة الذهبية لسنة 2022، بعد مشواره الرائع هذا الموسم، لكنه لم يكن وحده من صنع الحدث، لأن الحارس الحارس تيبو كورتوا، الذي خسر أول نهائي لدوري الأبطال ضد الريال عندما كان يحرس مرمى أتليتيكو مدريد سنة 2014، كان بدوره أحد أبرز صنّاع تاريخ الريال في المباراة النهائية، وحتى طيلة الموسم، بصدّه تسع كرات خطرة صنعها ليفربول الذي كان بإمكانه الفوز بالأربعة لولا براعة الحارس البلجيكي، وصمود دفاعه، دون أن ننسى ما قام به لوكا مودريتش الذي استعاد شبابه هذا الموسم، ومُسجّل الهدف الوحيد في النهائي فينيسيوس جونيور الذي ارتقى إلى مصاف كبار المهاجمين بعد أن كان بدوره ظلاً لرونالدو.  


البعض يعتقد بأن حكاية الريال مع الحظ هي التي صنعت الفارق هذا الموسم لأنه لم يكن أحسن من البي أس جي، تشيلسي والسيتي، ولا حتى من ليفربول في النهائي، وهو أمر صحيح، لكن هل الفريق الذي يفوز على كل هؤلاء الأبطال يفعل ذلك بالحظ؟

وهل يُعقل أن تفوز بلقب المسابقة 14 مرة بالحظ؟ وتفوز بكؤوس العالم للأندية والسوبر الإسباني والأوروبي والدوري المحلي، وتتوج بـ92 لقباً عبر التاريخ بالحظ إذا لم تكن تملك شخصية ومقومات البطل ومدربين ولاعبين ومسيّرين يتحلون بثقافة الفوز ويسعون لتحقيقه بإصرار كبير، لصناعة تاريخ ترويه الأجيال باعتباره حكاية لا تنتهي برحيل مدرب أو لاعب، ولا تقف على نجم واحد، حتى لو كان رونالدو أو كيليان مبابي، خاصة وأن أنشيلوتي سأل بعد التتويج أمام ليفربول عن مكان إقامة نهائي دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل وقال بأنه سيسعى للتواجد فيه ومواصلة الحكاية..


 

للكاتب أيضاً