عندما تعود الجزائر والعراق !!

الخط

ما يحدث في البصرة بمناسبة خليجي 25، والمدن الجزائرية في بطولة إفريقيا للاعبين المحليين ، يثير الكثير من الإعجاب في الأوساط الكروية العربية والافريقية وحتى العالمية، بسبب الإتقان والتميّز في تنظيم الحدثين بشكل ملفت، في ملاعب ومرافق حديثة أكدت عودة بلدين عريقين إلى الساحة الرياضية والإقليمية والقارية للمساهمة في صناعة الحدث الذي غاب عن العراق لسنوات نتيجة الأوضاع الأمنية والسياسية المتردية، وغاب عن الجزائر التي بدأت تخرج من قوقعتها نتيجة تراكمات سياسية واجتماعية وأمنية دامت سنوات، قبل أن يساهما في إعطاء قيمة مضافة لمنافستين كرويتين سخر لأجلها البلدان إمكانيات ومرافق وبنية تحتية، تساهم دون شك في تنشيط الحركة الرياضية في البلدين وفي منطقتي الخليج وأفريقيا مستقبلا.


العراق عاد الى الحضن الخليجي من بوابة كأس الخليج بعد أكثر من أربعين عاماً عن أخر دورة احتضنتها بغداد سنة 1979، وبعد أن كان من المفروض احتضانها قبل عشر سنوات لولا الحظر الذي فرضه الاتحاد الدولي على العراق والكرة العراقية بسبب الأزمات السياسية والأمنية التي غيبت البلد عن الأحداث الرياضية الجهوية والقارية والدولية، حيث كان المنتخب العراقي يخوض مبارياته خارج العراق، قبل أن يدخل الخليجيون بلاد الرافدين في جو من الأمان، ويشاركون في بطولة عزيزة عليهم نجح أهلها في محو صورة نمطية لازمت العراق وشعبها ومؤسساته لسنوات قبل أن ينتصر أهله لبلدهم من بوابة كأس الخليج في حضور جماهيري قياسي وظروف أمنية جيدة كسرت ذلك الحاجز  والهاجس الذي لازم الخليجيين لسنوات.


عراق العروبة والحضارة والتاريخ عاد الى الواجهة من بوابة الكرة بدعم خليجي كبير ساهم في كسر الحظر المفروض عليه رياضيا، والعراق كان في مستوى الدعم والثقة لدرجة جعل البعض ينادي بتنظيم النسخة القادمة في العراق  أو العودة إليه بعد الكويت ومسقط اللذين تم اختيارهما لتنظيم النسختين القادمتين، في اشارة الى تميز الظروف التي جرت فيها البطولة من كل الجوانب ، بما في ذلك الفني الذي كان في المستوى رغم مشاركة قطر والسعودية بمنتخب الرديف، وكذا الحضور الجماهيري الذي كان قياسيا ومثاليا، يعبر عن سعادة العراقيين وعشقهم للكرة ومنتخبهم، واعتزازهم ببلدهم الذي عانى الكثير من الأزمات والويلات لسنوات .


الجزائر من جهتها أعادت الروح لمسابقة كأس افريقيا للاعبين المحليين، التي كادت أن تضمحل لولا النفس الذي منحته لها، عندما جعلت منها منافسة لا تقل شأنا عن كأس أمم أفريقيا، من خلال توفير أربعة ملاعب في أربع مدن مختلفة، ومرافق راقية جديدة وأخرى مرممة تحتضن مباريات سبعة عشر منتخبا مشاركاً في بطولة أعادت البلد إلى الواجهة القارية بعد نجاحه في احتضان ألعاب البحر الأبيض المتوسط الصائفة الماضية بشكل ملفت ورائع في مدينة وهران التي اختيرت رفقة عنابة وقسنطينة والعاصمة لاحتضان بطولة كأس افريقيا السابعة للمحليين في حضور جماهيري قياسي وتاريخي في كل المباريات، يعبر عن عشق الجزائريين للكرة وتعلقهم بمنتخب بلادهم ورغبتهم في استضافة كأس أمم افريقيا بعد خمسة وأربعين عاما عن آخر بطولة احتضنتها الجزائر سنة 1990. 


احتضان الشان بالشكل الذي يحدث هذه الأيام يمهد الطريق للمنافسة على تنظيم نهائيات كأس أمم إفريقيا المقررة سنة 2025 خاصة بعد تحسين البنية التحتية، وتدشين ملاعب وهران، براقي، الدويرة وتيزي وزو، وإعادة تهيئة ملعبي قسنطينة وعنابة، في انتظار إعادة ترميم ملعب خمسة جويلية الأولمبي في العاصمة الذي ينتظر أن يكون مفخرة الرياضة الجزائرية باعتباره أحد أقدم المرافق التي احتضنت سابقا ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 1975، والألعاب الإفريقية سنتي 1978 و2007،  والألعاب العربية سنة 2005، وعديد الأحداث الرياضية المحلية والقارية والجهوية، وحتى الدولية مستقبلا، وفي كل الرياضات والمجالات الأخرى الثقافية والفنية والاجتماعية والسياسية من بوابة الرياضة التي لم تعد مجرد لعبة، بل ظاهرة تساهم في تحقيق التنمية الشاملة.


عودة العراق والجزائر الى مسرح الأحداث الرياضية، يشكل اضافة كبيرة للحركة الرياضية، وإضافة أكبر للأسرة العربية وقارتي أفريقيا وأسيا وشبابها الذي يستفيد لامحالة من تجربتين عريقتين، مثلما يستفيد شبان البلدين من كل المرافق التي تم انجازها..


 

للكاتب أيضاً