عندما يسطع الهلال ويعود الريال الى مستواه !!
14/02/2023 - حفيظ دراجي
الخط
رغم الاصابات والغيابات والحرمان من الاستقدامات لفترتين انتقاليتين تمكن الهلال السعودي من بلوغ نهائي كأس العالم للأندية بعد فوزه التاريخي على الفريق البرازيلي فلامينغو، ونال الميدالية الفضية خلف عملاق أوروبا الريال الذي خسر أمامه في مباراة لم يكن فيها مخيبا، بل بالعكس، لعب بروح عالية ، من دون عقدة وتمكن من تسجيل ثلاثة أهداف، محققا أفضل نتيجة للكرة السعودية في التاريخ حيث لقي اشادة كبيرة من وسائل الاعلام العالمية التي زاد اهتمامها بالكرة السعودية منذ التحاق رونالدو بالنصر قبل أسابيع ، وظهور نوايا المملكة في الاستثمار في الرياضة كوسيلة لمرافقة تلك النهضة التي تشهدها وتريد من خلالها تنظيم كأس العالم 2030 ، وجاء أداء ونتيجة الهلال في الموندياليتو لتسليط مزيد من الضوء على واحدة من أقوى البلدان في آسيا والوطن العربي في مجالات عديدة.
الهلال أبدع قبل النهائي بفوزه على الوداد المغربي منظم البطولة وبطل افريقيا بركلات الترجيح، ثم اخراجه بطل أمريكا الجنوبية الفريق البرازيلي فلامينغو بالثلاثة في مباراة استثنائية، قبل أن يسجل ثلاثية أخرى في النهائي أمام الريال في مباراة لم يستسلم فيها، وكان كل مرة يعود فيها بتسجيل أهداف أبقته في المباراة إلى آخر لحظة ، رغم تلقيه خمسة أهداف لم تكن تعني سيطرة اسبانية مطلقة، ولا هشاشة سعودية واضحة، خاصة وأنه فتح اللعب ولم يركن للخلف، وخاض المباراة كما يخوضها الكبار فنيا ومعنويا وبدنيا ، مؤكدا أن بلوغ النهائي لم يكن صدفة أو ضربة حظ ، بل نتيجة منطقية لمسار كروي هلالي وسعودي، كان يمكن أن يكون أفضل لو شارك كل الدوليين المصابين ، ولم يكن ممنوعا من الانتدابات بسبب العقوبة المسلطة عليه من الاتحاد السعودي.
المحللون أعادوا بالمناسبة إلى السطح سؤالا كان يطرح باحتشام من قبل حول نظام المنافسة الذي يمنح الأفضلية لبطل أوروبا على حساب أبطال القارات الخمس الأخرى ، حيث يدخل المنافسة من بوابة نصف النهائي مباشرة، في حين يبدأ أبطال أوقيانوسيا وأفريقيا وآسيا من الدور التمهيدي ويخوضون مباراة إضافية في ظرف وجيز، حتى صار التتويج بها حكرا على الأوروبيين الذين فازوا بها خلال العقد الأخير ، وكأنها تنظم لصالحهم ، لأجل تزيين خزائنهم بألقاب أخرى وأموال اضافية، دون أدنى اعتبار لتكافؤ الفرص بين أبطال القارات ، لدرجة دفعت البعض الى الدعوة لاعادة النظر في نظام المسابقة، أو الغاءها كلية بصيغتها غير العادلة أخلاقيا وكرويا .
هذا التوجه لا يلغي ولا ينقص من قيمة الريال وأحقيته في التتويج بلقبه الأول لسنة 2023، والخامس من نوعه بالتسمية الجديدة، والبطولة المائة في تاريخ النادي ، مما سمح للرئيس فلورنتينو بيريز بمعادلة عدد التتويجات التي أحرزها الرئيس الاسطورة سانتياغو برنابيو ، وسمح لبنزيمة بتحقيق اللقب الخامس والعشرين له في مشواره وتحطيم الرقم القياسي في عدد التتويجات للاعب مدريدي ، تألق في هذه البطولة بعد عودته من الاصابة، مثلما تألق البرازيلي فينيسيوس جونيور الذي استعاد مستواه في مرحلة مهمة من الموسم تتميز بعودة مسابقة دوري الأبطال واشتداد الصراع على لقب الليغا الذي يسيطر عليه برشلونة بفارق مريح، لن يشكل عائقا أمام الريال لمواصلة معركة الدوري ، والسعي نحو الحفاظ على تاجه الأوروبي في مواجه ليفربول في ثمن النهائي الأسبوع المقبل.
مثلما يشكل تتويج الريال نقطة تحول مهمة للفريق في النصف الثاني من هذا الموسم، بعد أن استعاد ثقته و توازنه بعودة لاعبيه المصابين، ونجومه الى مستواهم المعهود، فان المركز الثاني الذي حققه زعيم آسيا يشكل بدوره نقطة تحول، لا تقل أهمية وتأثيرا على مستقبل الفريق والكرة السعودية والعربية والآسيوية التي تشهد بدورها تطورا ملحوظا على جميع المستويات التنظيمية والفنية والمادية، يفتح أفاق جديدة تقلص الهوة بين الكبار والصغار، والشمال والجنوب.