كأس العالم في قطر بدأ قبل 12 عاماً!

التزمت قطر الصمت حيال كل الافتراءات التي لم يسبق لها مثيل وأوفت بكل التزاماتها ووعودها

الخط

قبل أيام من موعد الانطلاق الرسمي لكأس العالم "فيفا" قطر 2022، تتصاعد حدّة الحملات الإعلامية والشطحات السياسية الغربية المُعارضة والمُشوِّشة على العرس العالمي الأول من نوعه في الوطن العربي، وكأن أصحابها سيُغيّرون مجرى التاريخ ويمنعون تنظيم الحدث، أو كأنهم يريدون ممارسة ضغوطات إضافية على البلد المضيف لإرباكه والتأثير عليه، علماً أن مونديال قطر بالنسبة للقطريين بدأ منذ إعلان فوز البلد العربي والإسلامي الصغير في الثاني من ديسمبر 2010، عندما حظيت قطر بثقة أعضاء اللجنة التنفيذية للـ"فيفا" على حساب أستراليا، وكوريا الجنوبية، واليابان والولايات المتحدة، رغم كل محاولات التشويه والتشكيك، واتهامات بالفساد والتقصير في حق الإنسان والعمال والمرأة والبيئة، دون أن يثني ذلك من عزيمة القطريين وإصرارهم على صناعة التاريخ منذ تجرأت وقدّمت ملفها.


آخر خرجة كانت ألمانية على لسان وزيرة الداخلية التي استغربت منح قطر حق تنظيم كأس العالم، وعدم حرمانها منه رغم كل الاتهامات التي وُجّهت لها على حدّ تعبيرها، وطالبت بعدم تكرار الأمر مستقبلاً، في إشارة ضمنية غير مباشرة إلى ضرورة إبقاء تنظيم كأس العالم حكراً على البلدان الغربية المتطورة والمتحضرة التي اخترعت كرة القدم، وتُحترم فيها حقوق الإنسان وحقوق العمال والمثليين، علماً أن الكنيسة بحدّ ذاتها تعتبر بأن الانجذاب إلى شخص آخر من الجنس عينه هو "سلوك منحرف"، يُراد له أن ينتشر في البلاد العربية والإسلامية، التي يُراد لها أن تبقى مُستهلِكة للعبة، دون أدنى حق في صناعة الفرجة والمتعة، وإن أرادت أن تفعل، فعليها أن تخضع للابتزاز وتتنازل عن حقوق الإنسان العربي المسلم في الالتزام بتعاليم دينه والحفاظ على عاداته وتقاليده.

 

اقرأ أيضاً: وليد الركراكي: أنا رجل المرحلة..


قبل ألمانيا، واجهت قطر على مدى سنوات اتهامات أميركية وغربية بمعاملات غير إنسانية للعمال الأجانب المشاركين في تشييد المنشآت، وزعمت صحيفة الغارديان مثلاً، أن العديد من العمال حُرموا من الماء والطعام ولم يحصلوا على أجورهم لأشهر عديدة. وقدّرت الصحيفة عدد الموتى في مختلف ورشات المشاريع بـ4000 عامل، بسبب انعدام أدنى إجراءات السلامة على حدّ ادعاءاتها في تقاريرها الإعلامية التي رسمت صوراً مغلوطة عن بلد، لم ينتظر "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية لمعرفة قيمة الإنسان عنده، ومعرفة الحقوق والواجبات والالتزامات، وما يقتضيه دفتر شروط تنظيم كأس العالم لكرة القدم، والذي لا يختلف عن تنظيم بطولات عالمية أخرى سبق لقطر احتضانها باقتدار منذ بداية الألفية.


قبل موجة الانتقادات الأوروبية الأخيرة، أُثيرت منذ 2011 مزاعم فساد ضد شخصيات وهيئات قطرية، ووُجّهت اتهامات لكبار مسؤولي الاتحاد الدولي لكرة القدم، قبل أن تُبرّئ تقارير "الفيفا" ولجان التحقيق المختلفة قطر من ارتكاب مخالفات مالية أو أخلاقية في معركتها للحصول على حق تنظيم كأس العالم، تلتها بعد ذلك تحقيقات المُدّعين الفدراليين السويسريين بتهمة الفساد وغسيل الأموال في ملفي ترشيحات كأس العالم 2018 و2022، ليتضح في نهاية المطاف بأن الأمر لا يعدو كونه حرباً أميركو/أوروبية ضد روسيا وقطر، وضد مسؤولي "الفيفا" والاتحاد الأوروبي الذين سقطوا تباعاً، انتقاماً منهم، ليُبرّأ في النهاية الرئيس السابق للـ"فيفا"، سيب بلاتير، والرئيس السابق للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ميشال بلاتيني، من تهم الفساد التي أُلصقت بهما لسنوات.


قطر التزمت الصمت حيال كل الحملات والتهديدات والافتراءات التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ كأس العالم، وأوفت بكل التزاماتها رغم انخفاض أسعار المحروقات وتراجع مداخيل قطر، وتداعيات تفشي وباء كورونا التي زادت من تكلفة المونديال وعطّلت بعض المشاريع، لكنها لم تنقص من عزيمة وإرادة بلد صغير الحجم، دخل التاريخ من أوسع أبوابه، وبلغ بنجاحٍ آخر محطة في مشوار دام أكثر من عقد من الزمن لم يعد يفصلنا عنها سوى بضعة أيام، لن يذكر بعدها العالم سوى حسن الاستقبال وكرم الضيافة وروعة التنظيم فوق ملاعب خيالية ومرافق لا توجد في أوروبا ولا حتى في أميركا، ومطار وميناء وطرقات وفنادق ووسائل نقل واتصالات عصرية ترهق من ينظم كأس العالم بعد قطر.
 

للكاتب أيضاً