من مونديال العرب الى مونديال الآسيويين والأفارقة!!
6/12/2022 - حفيظ دراجي
الخط
اعتبره القطريون مونديال العرب على مدى 12 سنة، لأنه ينظم للمرة الأولى في بلد عربي، فكان كذلك جماهيرياً بحضور قياسي للجماهير العربية، وكان أيضاً من الناحية الفنية خلال الدور الأول بفضل تألّق السعودية والمغرب وتونس، تحوّل مع الوقت إلى مونديال الآسيويين والأفارقة الذين صنعوا الفارق بتأهّل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، وذلك للمرة الأولى في تاريخ كأس العالم، حيث تفوّقت كوريا على البرتغال، واليابان علىإسبانيا وألمانيا، والسعودية على الأرجنتين، وأستراليا على الدنمارك. في حين تألّقت أفريقيا أيضاً بتحقيقها ثمانيةإنتصارات في خمس عشرة مباراة في الدور الأول، أهمها فوز المغرب على بلجيكا، وتأهّلها في الصدارة برفقة السنغال في مجموعة هولندا. كما حققت تونس التعادل أمام الدنمارك والفوز التاريخي على فرنسا بطلة العالم، وفازت الكاميرون على البرازيل في لقاء تاريخي.
اليابان صنع الحدث بتصدّره مجموعته إثر فوزه على ألمانيا وإسبانيا، وتأهّله إلى الأدوار الاقصائية للمرة الثانية على التوالي، ويتسبّب في إخراج ألمانيا من البطولة، في حين تمكّن منتخب كوريا الجنوبية من الإطاحة بالبرتغال وإقصاء الأوروغواي والتأهّل إلى الدور الثاني للمرة الثالثة بعد 2002 و 2006 خلال أحدى عشرة مشاركة في النهائيات، بقيادة مدرّبه البرتغالي باولو بينتو الذي يصبح ثاني مدرب يحقق الفوز على منتخب بلده،منذ فوز ميلوفان راجيفاك مع غانا على صربيا في مونديال 2010 . كما تمكّنت أستراليا من صنع المفاجأة في مجموعة فرنسا، حيث أخرج المنتخب الدنماركي، وتأهّل الى الدور الثاني للمرة الثانية بعد 2006 في ألمانيا. وكاد المنتخب السعودي يفعل الشيء ذاتهبعدما أطاح بالأرجنتين وأحرج بولندا والمكسيك.
القارة الصفراء خاضت 18 مباراة في دور المجموعات، حققت الفوز في 7 مناسبات، بلغت الدور الثاني بثلاثة منتخبات للمرة الأولى في تاريخ الكرة الآسيوية، بينما لم تخيّب القارة السمراء ببلوغ منتخبين الدور ذاته في أفضل حضور أسيوي وافريقي في تاريخ المونديال، بفضل المغرب وبطل أفريقيا السنغال،حيث تصدّر "أسود الأطلس" مجموعة الموت التي كانت تضّم كرواتيا وبلجيكا، وبلغ الأدوار الإقصائية للمرة الثانية في تاريخه بعد مونديال المكسيك سنة 1986، ويصبح أول منتخب عربي يحقق ذلك، وأول منتخب عربي وأفريقي يسجّل أربعة انتصارات في نهائيات كأس العالم في مشاركاته كلها، وأول منتخب يحرز سبع نقاط في دور المجموعات، بقيادة مدّرب محلي هو الأول عربياً الذي يحقق التأهّل إلى الدور الثاني مع منتخب بلاده في بطولة، كان فيها مميزاً فردياً وجماعياً وفنياً وبدنياً، وحتى من الجانبين النفسي والذهني قبل مواجهة إسبانيا في ثُمن النهائي.
"أسود التيرانغا" بدورها رافقت"أسود الأطلس"إلى الدور الثاني في ثوب بطل أفريقيا، قبل أن تخرج أمام وصيف بطل أوروبا للأمم المنتخب الإنكليزي بالثلاثة في مباراة كان فيها الإنكليز أقوى بدنياً وفنياً وحتى ذهنياً. واتضح ذلك من النضج الذي بلغته المجموعة بقيادة المدرّب غاريث ساوثغيت، على رغم قدرات المنتخب السنغالي الذي تأثّر كثيراًبغياب نجمه ساديو ماني في المباريات التي خاضها، ليبقى تخطّي دور المجموعات نتيجة طيبة للسنغال الغائب عن نهائيات كأس العالم منذ عشرين عاماً، والعائد إلى الواجهة القارية والعالمية بفضل جيل مميز، قلّص برفقة الأفارقة والعرب والآسيويين الفوارق التي كانت سائدة إلى وقت قريب بين منتخبات القارات، وكسر تلك الحواجز النفسية التي كانت تحول دون الإطاحة بالبرازيل والأوروغواي والأرجنتين وبلجيكا وألمانيا والدنمارك.
المنتخب المغربي يحمل الليلة آمال الكرتين العربية والأفريقية في مواجهة إسبانيا بحثاً عن تأهّل تاريخي الى ربع النهائي، يكون تحصيلاً حاصلاً لتطّور كبير تشهده الكرة المغربية في الأعوام الأخيرة، أكدت بأن كأس العالم فيفا 2022 هو مونديال العرب والأفارقة والآسيويين فنياً وجماهيرياً وتنظيمياً، كسر الحواجز بعد أن أخرج من الدور الأول منتخبات ألمانيا، بلجيكا، الدنمارك والأوروغواي. وأدخل التاريخ كلاً من اليابان، كوريا، أستراليا، السنغال والمغرب، وحتى قطر كبلد منظّم فرض إحترام الجميع لقدراته في التنظيم ومواجهة حملات التهديم، وتمسّكه بثقافته وعاداته وتقاليده على رغم محاولات التشكيك والتشويه.