15/02/2022 - حفيظ دراجي
الخط
أكثر من 17 مليون هو عدد الطلبات التي قدّمها الناس من كل أنحاء العالم لأجل اقتناء تذاكر مونديال قطر 2022، خلال المرحلة الأولى لعمليات الحجز التي دامت سبعة عشر يوماً فقط، بمعدل مليون طلب في اليوم الواحد، من بينها ما يُقارب مليوني طلب لحضور المباراة النهائية في ملعب لوسيل.
هي أرقام تاريخية مذهلة تحدث لأول مرة في تاريخ كأس العالم، تحمل في طياتها دلالات كبيرة، تُبشّر بنجاح جماهيري غير مسبوق لأول كأس عالمية في منطقة الشرق الأوسط، رغم أن فترة إقامتها هذه المرة تكون في فصل الشتاء وليس الصيف كما جرت العادة أين تكون الجماهير في عطلة، ورغم أن نصف عدد المنتخبات لم تضمن بعد تأهلها إلى النهائيات، ما يوحي بأن كل شيء سيكون استثنائياً ومتميزاً عن دورات سابقة في كل المجالات، وهو الأمر الذي يُرهق من يُنظّم المونديال بعد قطر لأن السقف سيكون عالياً جداً.
إجمالي الطلبات في المرحلة عينها للنسخة الماضية في كأس العالم بروسيا عام 2018 بلغ نحو 3.4 مليون طلب، من بينها 300 ألف مشجع فقط من طلبوا حضور المباراة النهائية، وهو رقم أقل بسبع مرات من العدد الذي تقدّم بطلب حضور نهائي مونديال قطر، رغم أن الأمر يتعلّق ببلد أوربي هو من أكبر وأقوى بلدان العالم، يملك من المؤهلات المادية والتقنية والبشرية والفنية ما يؤهله لكي ينظم المونديال كل سنة، ويستقطب المشجعين من كل بلدان العالم، ليس كما قطر التي كانت إلى وقت قريب لغزاً محيّراً ومثيراً للتساؤلات حول قدراته ومدى إقبال الجماهير على مباريات المونديال، حيث تبيّن أن أكثر الطلبات جاءت من الأرجنتين والبرازيل وإنكلترا وفرنسا، وحتى الهند والمكسيك والولايات المتحدة، ثم من السعودية والإمارات العربية المتحدة كأكثر بلدين عربيين تقدّم فيهما المشجّعون بطلبات حجز تذاكر حضور المباريات.
قبل بضعة أشهر من اليوم لم يكن أحداً في قطر وفي أوساط "الفيفا"، وحتى حول العالم يتوقع هذا الإقبال الخيالي على حجز التذاكر، لكن الصور التي صدّرتها قطر بمناسبة تنظيمها كأس العرب "فيفا" 2021، والانطباعات التي خرج بها كل من عايش الحدث في الدوحة وكل من تابعه على شاشات التلفزيون، شجّع وحفّز الجماهير على اغتنام الفرصة لمعايشة حدث لن يكون مثل سابقيه، لن يكون بالضرورة الأفضل، لكن سيكون الأكثر تميزاً في حضور ما يقارب مليون ونصف المليون زائر حسب التوقعات، إذا لم تسعهم مدرجات الملاعب والفنادق والمنتجعات والشقق السكنية والبواخر المخصصة لإسكانهم ستسعهم بيوت القطريين والمقيمين وقلوبهم التي تسع الجميع، في تجربة فريدة من نوعها لن تترك المجال للصدف، بل كل شيء فيها يكون محسوماً ومحسوباً، إلا ما يتعلّق بما يحدث فوق ميادين الملاعب الجميلة التي تم تشييدها، لأن الحسم سيكون فيها للأفضل فنياً وبدنياً.
المرحلة الثانية من عملية بيع التذاكر ستصادف فترة يتم فيها التعرّف على كل المنتخبات المتأهلة إلى المونديال بعد نهاية التصفيات، وعندها ستكون الطلبات أكثر فأكثر، لتتحوّل فرحة المنظمين إلى خيبة كبيرة لأنه لن يكون بمقدورهم الاستجابة لكل الرغبات، حيث سيُضطرون إلى إقصاء الكثير من الراغبين في حضور العرس العالمي بسبب محدودية سعة الملاعب وعدد التذاكر المطروحة للبيع، وعندها يكون لصاحب الحظ نصيبٌ مع منح الأولوية لجماهير المنتخبات المشاركة، لكن الطلبات على التذاكر ستقارب الثلاثين مليوناً في سابقة لم تحدث ولن تتكرر، وهنا يكمن اللغز، في أرقام ستتبعها أرقام أخرى مذهلة تتحقق قبل البطولة، أثناءها وحتى بعدها، ليتأكد العالم بأن قطر نالت حقّها في صناعة التاريخ ولم تسرق حق أحد عام 2010 عندما فازت بتنظيم كأس العالم..
تمرّ الدقائق والساعات والأيام والشهور والسنون بسرعة، ويقترب معها الموعد الذي لم يعد يفصلنا عنه سوى 278 يوماً، تمر بدورها بسرعة، دون حواجز أو عقبات، حتى ولو كانت صحيّة بسبب وباء كورونا الذي سيكون من الماضي حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، ويكون مونديال قطر بدون كمامات ولا بروتوكول صحي بإذن الله.