أمّا بعد...

قطر كانت البداية وفاتحةً لشهيّة المتردِّدِين

الخط

ونحن مع ختام المشهد الأخير من المونديال القطري، تتوالى رسائل عدة حملها ثم بدأ بإطلاقها في غير اتجاه. ولعلّ من أهم هذه الرسائل هي التي ستغير الصورة النمطية التهكمية الخبيثة والرعناء التي لطالما روّجت لها الدول الحيتان عن منطقتنا وشعوبها، وخصوصاً الخليجيّة منها.


لقد خطَّطوا وحاولوا ونجحوا في ربط صورة العربي بالخيمة والجمل والصحراء و"الشماغ أو الغترة والعقال"، برغم معرفتهم أن حضارتهم إنما استمدت أُسُسَها من علماء نبغوا في هذا الجزء من العالم المطبوع بالكرم والمحبّة والشجاعة وحسن الضيافة والرزانة ورجاحة العقل. لكنهم أصرّوا على تضخيم مساوئ الجاهلية لينالوا من الصورة والمكانة لجزيرة ما بعد الجاهليّة، فإذا بِقَطَر تبهرهم ببطولة ومرافق وفعاليات مُصاحِبة سيذكرونها طويلاً.

أكاذيب تدحضها حقائق


ولطالما حاولوا أيضاً إظهار العربي ككائن بشري لا همّ له سوى النساء والطعام والنوم. فإذا بمونديال يدحض كذبهم ويثبت أن الإنجازات العربية المُبْهِرَة والمتعددة في المونديال لا يمكن أن تكون إلا نتاجاً لعمل دؤوب وتفرّع كامل لسنوات لا شاغِلَ فيها إلا العلم والعمل.
وعلى المستوى الرياضي، تأكد أن إقامة البطولة في هذا الوقت من الموسم، مفيد لأكثر من سبب، وأهم هذه العوامل هو أن اللاعب لا يكون مُستَنْزَف الطاقة كما اعتاد أن يكون في نهاية الموسم الكُرَوي، فينخفض المستوى الفني العام وتكثر الإصابات التي يعدّ الإرهاق أكبر مسبّب لها. أمّا ما شاهدناه حتى الآن، فلاعبون في قمة نشاطهم، وعروض جميلة ملأى بالفن والرشاقة والقوة فكانت المتعة. 

 

الإستضافة لم تعد مستحيلة


على المستوى التنظيمي، قطر كانت البداية وفاتحةً لشهيّة المتردِّدِين الذي لطالما شكّكوا في قدرتها على الإستضافة كونها بلداً صغير المساحة، فإذا بتقارب الملاعب نقطة إيجابيّة إضافيّة في رصيدها كمضيف ناجح. وبعد المغانم المتنوعة التي جنَتْها قطر، وعقب رفع عدد المنتخبات المشارِكة في مونديال 2026 إلى 48 منتخباً، والمباريات من 64 إلى 80، صار من حق الدول العربية، بل من واجبها أن تفكر وتحضّر ملفاتها تمهيداً لتقديمها مع طلب حق استضافة إحدى نسخ البطولة ولو مشاركة بين أكثر من دولة، كالملفّ المشترك بين السعوديّة ومصر واليونان. وعلى غرار ما سيحصل في البطولة القادمة، حيث ستستضيف الولايات 60 مباراة مقابل عشر لكل من المكسيك وكندا، بات ممكناً لدول صغيرة جغرافياً كلبنان والأردن والكويت والبحرين أن تشارك الدول المقتدرة مادياً والغنية بمنشآتها الرياضية كالسعودية ومصر والعراق والإمارات في تنظيم ثلاثي. فاستضافة عشر مباريات من قِبّل هذه الدول أمر مقدورعليه. كما أن لا شيء يمنع قطر من المشاركة مرة أخرى، فلقد سبق للمكسيك أن استضافت كأس العالم منفردة مرتين عامي 1970 و1986 والثالثة على الطريق.


كما يمكن للسعودية ومصر ودولِ المغرب العربي، كلٌّ بمفردها، أن تنظم البطولة، لما تتمتع به هذه الدول من تنوع جغرافي وإرث تاريخي حضاري وما تملكه من ملاعب ومرافق وملحقات ذوات مواصفات عالمية. لكن أتمنى أن لا يُستَغَلّ هذا الموضوع ليتسلل منه العدو الصهيوني فيطلب المشاركة في هذا الحدث كما حصل في الاقتراح الملغوم والمُغرِض الذي جرى الحديث عنه مؤخّراً.
صحيح أن قطر دفعت مبالغ هائلة، لكنها لم تخسرها، فهي وظفتها لتجهيز أفضل بنى تحتية ومنشآت وشبكة مواصلات وخدمات حديثة رائعة، إضافة إلى تحقيقها أرقاماً قياسية عديدة سيكتبها التاريخ وتذكرها الأجيال بفخر واعتزاز، فجسدت المقولة الشهيرة للزعيم الخالد: "إرفع رأسك يا أخي".

 

نظام نسخة 2026


تُقَسَّم الى 16مجموعة تضم كل واحدة منها 3 منتخبات،بحيث يتأهل متصدر المجموعة ووصيفها فقط للأدوارالإقصائية (فيكون عددهم الإجمالي 32 منتخبًا ثم 16 ثم 8 ثم 4 ثم 2 ). وبطبيعة الحال سيزداد عدد المباريات الملعوبة إجمالاً من64 إلى80، لكن عدد المباريات الملعوبة لكل فريق يبلغ النهائي سيظل سبعة، وهو نفس العدد في نظام الـ 32 فريقًا. لكن  سيلعب كل فريق مباراة أقل في دور المجموعات من الصيغة السابقة، وتُكتمل البطولة في غضون 32 يومًا، تمامًا مثل البطولات السابقة المكونة من 32 فريقًا.
وقد وُجِّهَت انتقادات لاستخدام نظام الثلاث فرق في كل مجموعة مع تأهل فريقين، بسبب زيادة خطر التواطؤ والتلاعب في النتائج بين الفرق،فاقترح مدير التطوير الفني في "الفيفا" اللجوء إلى ركلات الجزاء الترجيحيّة في حال نهاية أي مباراة في دور المجموعات بالتعادل. هذا من شأنه أن يخفف من خطر التواطؤ ولكن ليس كثيرًا، لأن مَن يريد أن يخسر بالوقت الإضافي قد يتعمّد تخسير نفسه بركلات الترجيح.
 

آخر أصدار

Avatar
العدد رقم 467
المسلم لـ"سوبر1": لبنان احتفظ بموقعه في الأولمبي الاسيوي
11/09/2024

مقالات

أخبار ذات صلة