ماذا بعد قرار بلماضي بمواصلة مهامه؟

سيكون بلماضي على موعد في يونيو المقبل مع مباراتين ضمن تصفيات أمم إفريقيا 2023

الخط

تنفّس الجزائريون الصعداء، بعد إطلالة المدرب جمال بلماضي المسجلة، التي أعلن فيها استمراره في مهامه على رأس المنتخب الجزائري، استجابة لرغبة السلطات وإرادة الجماهير الكروية في الجزائر على حد تعبيره، ما يفسح المجال أمام تساؤلات أخرى في الأوساط الإعلامية بشأن نوايا المدرب وقدرته على إعطاء نفس جديد للـ"خضر"، بعد صدمة الإقصاء من مونديال قطر التي لم يتجرعها بلماضي لحد الآن، لأنها كانت قوية وقاسية، مثلما ستكون إعادة البناء صعبة وشاقة، تقتضي قرارات وإجراءات وخيارات جديدة من كل الجوانب، بما في ذلك الفنية، مثلما وعد به في تصريحه المنشور عبر موقع الاتحاد الجزائري لكرة القدم، والذي تضمن أيضاً تهكماً جديداً على الحكم باكاري غاساما، وبعض المنتقدين للمدرب وخياراته الفنية والتكتيكية، مما أثار ردود فعل، فيها من التفاؤل والتشاؤم ما يُنذر باستمرار الجدل لفترة أخرى.


في فيديو مسجل قاربت مدته الساعة من الزمن، تحدّث بلماضي بمشاعره وعواطفه مخاطباً قلوب الجزائريين، شاكراً لهم مساندتهم ودعمهم غير المسبوق، مما دفعه للاستجابة لرغبتهم حسب تعبيره، وتجديد رغبته في رفع تحديات جديدة وإسعاد الشعب الجزائري بنفس الروح والإرادة والإخلاص التي تحلى بها لحد الآن، مشيراً إلى أنه اقترح على المسؤولين فسخ عقده بعد الإقصاء لكنهم رفضوا ذلك، مثلما قال في كلمته التي عاد فيها لانتقاد الحكم غاساما على المجزرة التي اقترفها في حق الجزائريين، وانتقاد بعض المتربصين في وسائط التواصل الاجتماعي و بلاتوهات التحليل، الذين يفرحون لخسارة المنتخب ويحزنون لفوزه حسب تعبيره، وتسببوا على مدى سنوات في نشر الأكاذيب والإشاعات التي وصلت درجة اتهام بلماضي بسوء معاملة الإعلاميين، و بتجاوز صلاحياته في تعامله مع الاتحاد الجزائري ومحيط المنتخب.


بلماضي خاطب أيضاً عقول الجزائريين بعقله في ظهوره، الذي اعترف فيه ضمنياً بمسؤوليته في ما سماه "بالإخفاق"، وأكد على ضرورة مواصلة العمل والجهد بانتهاج استراتيجية جديدة وإحداث تغييرات فنية على مستوى اللاعبين بضخ وجوه جديدة، وكذا على مستوى الخيارات التكتيكية التي ستكون أكثر تنوعاً بعد أن جرب طريقة اللعب بثلاثة مدافعين أمام الكاميرون، بدلاً من خطته التقليدية التي اعتمدها لسنوات، ربما بسبب إدراكه بأنه لن يكون بمقدوره التعويل على عديد اللاعبين الذين فاقوا سن الثلاثين، وعليه أن يبحث عن نفس جديد وجيل جديد في وقت قصير، خاصة وأنه سيكون على موعد مع مباراتين رسميتين بداية شهر يونيو المقبل أمام أوغندا وتنزانيا في تصفيات أمم إفريقيا 2023.


رغم الاخفاق المزدوج في نهائيات كأس أمم إفريقيا وتصفيات كأس العالم، وتأثره الكبير بالإقصاء من مونديال قطر، إلا أن بلماضي كشف مجدداً عن شخصيته القوية وعناده وشجاعته في مواصلة المشوار، وكله ثقة في فتح صفحة جديدة رغم صعوبة المهمة، بينما  كشفت الجماهير بالمقابل عن تعلقها به من خلال دعمها له بشكل لم يسبق له مثيل، اعترافاً وتقديراً لجهوده على مدى أكثر من ثلاث سنوات، رغم إدراكهم بأن الخيبات ستتكرر مستقبلاً ما لم يتم انتخاب رئيس اتحاد ومكتب فدرالي جديد يملك الكفاءة والقوة والنفوذ، وكل المقومات التي تسمح له بحماية المنتخب من لعبة الكواليس التي ساهمت في إقصاء المنتخب الجزائري، بعد أن تبين مع الوقت بأن كرة القدم في إفريقيا لا تُلعب فقط فوق أرضية الميدان، بل يُحدد مصيرها بنسبة كبيرة خارج المستطيل.


رحيل بلماضي كان سيُعقّد مأمورية المنتخب الجزائري ليجد نفسه بدون مدرب ولا رئيس اتحاد عشية انطلاق تصفيات كأس أمم إفريقيا 2023، لكن استمراره لا يعني استقراره، وبأن مهمته ستكون سهلة، بل صعبة جداً لأن الكل ينتظره في المنعرج عند أي تعثر، وعندها لن يقدر على الصمود أمام الضغوطات الإعلامية والجماهيرية، وحتى الضغوطات الذاتية لأنه أكيد لن يقبل الاستمرار اذا أخفق مجدداً.
 

للكاتب أيضاً