1/03/2022 - حفيظ دراجي
الخط
لم يعد يفصلنا سوى شهر واحد عن موعد إجراء قرعة مونديال قطر 2022، بعدما نكون قد تعرّفنا نهاية الشهر الجاري على النصف الثاني من المنتخبات المتأهلة إلى النهائيات، إثر انتهاء مباريات التصفيات، على أن يكتمل النصاب بعد القرعة لحسم المقعدين المتبقيين إثر الملحق القاري المقرر بداية يونيو، لتتضح الصورة النهائية للبطولة وتركيبة المجموعات والملاعب التي ستحتضن المباريات ومواقيت إجرائها، ثم تبدأ تحضيرات المنتخبات التي تختار مقرات إقامتها، بعد أن تنتهي قطر من كل الترتيبات المتعلقة بالجزئيات والتفاصيل المرافقة للحدث، حتى ولو من دون إيطاليا أو البرتغال اللذين قد يلتقيان في مباراة الملحق، لأن باقي الكبار سيكونون في الموعد على غرار أبطال العالم السابقين البرازيل، والأرجنتين، وألمانيا، وإسبانيا، وإنجلترا وفرنسا، ضمن المنتخبات الخمسة عشر التي ضمنت مشاركتها لحد الآن عن قارتي أوروبا وأمريكا الجنوبية.
الحضور العربي يُنتظر أن يكون قوياً، قد يصل لأول مرة إلى ستة منتخبات عربية تتقدمها قطر البلد المنظم، والسعودية المبدعة في تصفيات منطقة آسيا، ومنتخبات شمال إفريقيا الأربعة التي تأهلت إلى المباريات الفاصلة بطموحات وقدرات وحظوظ كبيرة، مما يعطي بعداً جماهيرياً عربياً لم يسبق له مثيل في تاريخ مسابقة كأس العالم، خاصة وأنها ستكون آخر نسخة بالصيغة الحالية بمشاركة 32 منتخباً، قبل أن يرتفع العدد إلى 48 يشاركون في المونديال كل سنتين، وهو القرار الذي يُنتظر أن تتخذه "الفيفا" في مؤتمرها المقرر نهاية الشهر في الدوحة، ليرتبط اسم قطر مجدداً بأكبر القرارات في عالم كرة القدم العالمية، الذي صارت قطر جزءاً منه خلال العقد الأخير، من خلال استضافتها لنسختين من بطولة كأس العالم للأندية، وكأس العرب "فيفا" 2021 في نسختها الاستثنائية، حتى قبل أن يحين موعد مونديالها بعد 264 يوماً من الآن.
قرعة المونديال، التي تتزامن مع اجتماع الكونغرس الـ72 للـ"فيفا"، ستكون موعداً آخر للإبهار القطري في حفل لم يسبق له مثيل، حسب التسريبات التي تتحدث عن سيناريو فريد من نوعه بخصوصيات قطرية، خليجية وعربية، وأبعاد فنية وثقافية عالمية، تجمع بين الأصالة والحداثة، تشكل طبقاً مشوقاً، ومقدمة للشكل الذي سيظهر به حفل الافتتاح والنشاطات الثقافية والفنية والتي سترافق مباريات المونديال في فصل الشتاء لأول مرة في تاريخ المسابقة، بكل ما توفره من أجواء مناخية مناسبة لإجراء مباريات الكرة في ظروف مؤاتية، وملائمة لجماهير الكرة التي ستشهد بدورها حدثاً استثنائياً في كل المجالات السياحية والثقافية والترفيهية، وحتى الفنية في حضور أكبر منتخبات العالم ونجومها في نسخة يُنتظر أن تكون فريدة على كل المستويات، مثلما هي متميزة ومختلفة اليوم في استعداداتها التي أبهرت العالم، رغم كل الصعوبات التي مرّت بها قطر قبل سنوات، وتداعيات تفشّي وباء كورونا على مدى ثلاث سنوات.
فيما لا تزال التصفيات المؤهلة لمونديال قطر 2022 في انتظار المراحل الحاسمة التي ستحدد أكثر من نصف مقاعد البطولة نهاية الشهر الجاري، منحت المراحل الماضية من التصفيات، وكذلك الأيام الأولى من عملية بيع تذاكر مباريات البطولة، شهادة نجاح مبكر للبطولة على الأقل على المستوى الجماهيري الذي شهد إقبالاً جماهيرياً على حجز تذاكر حضور المباريات الذي فاق 17 مليون طلب بعد المرحلة الأولى من عملية البيع، على أن تنطلق المرحلة الثانية مباشرة بعد عملية القرعة، حيث سيكون الإقبال أكبر لأن الجماهير ستتعرف على مواجهات منتخباتها والملاعب التي تحتضن مبارياتها، وهو ما يُشكّل وجع رأس للمنظمين الذين لن يكون في مقدورهم الاستجابة لكل الطلبات، ليكون مونديال المحظوظين على مستوى الجماهير، وحتى على مستوى المنتخبات المتأهلة، خاصة العربية منها التي لا تريد تفويت فرصة المشاركة في نسخة القرن.
264 يوماً ستمر بسريعة مثلما مرت كل السنوات والأشهر والأسابيع والأيام الماضية منذ ديسمبر 2010، عندما خطفت قطر بجدارة شرف تنظيم الحدث على حساب اليابان، وأستراليا، وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية، عكس كل التكهنات التي كانت آنذاك ترشح الكل الا قطر، لأنها في نظرهم مجرد بلد عربي صغير الشأن والحجم لا يقدر على مقارعة الكبار، ليثبت للجميع بأن معايير القوى مختلفة تماماً عن الاعتقاد الذي كان سائداً آنذاك في كل الأوساط السياسية والاقتصادية والرياضية على حد سواء.